تفسير آيات الأحكام من سورة النور
إخبار المستأذن باسمه
...............................................................................
ثم لا بد أيضا أن يخبرهم، إذا قالوا: من هذا؟ أو من أنت؟ فيخبرهم باسمه مهما كانت الحال. ذكر في حديث المعراج: رسم> أن جبريل اسم> لما استفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل اسم> قيل: ومن معك؟ قال: محمد اسم> قيل: وقد أرسل إليه أو قد بعث إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبا به وبمن جاء معه؛ فجاء وفتح متن_ح> رسم> .
وفي الصحيح أيضا رسم> أن جابر بن عبد الله اسم> طرق الباب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: من هذا؟ فقال: أنا؛ فقال صلى الله عليه وسلم: أنا، أنا، كأنه كرهها متن_ح> رسم> يعني أراد منه أن يفصح، ولو كان قد عرفه؛ يعني عرف صوته فأحب منه أن يفصح باسمه، فإذا سئل من أنت؟ فإنه يقول: فلان ابن فلان، ويذكر كنيته أو يذكر لقبه الذي يتميز به، ويعرفه به أهل المنزل، فإذا ذكر ذلك فإن أذنوا له بعد معرفته فليدخل، وإن لم يأذنوا له فإنه يرجع؛ ولهذا في هذه الآيات رسم> وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ قرآن> رسم> .
كان بعض الصحابة وبعض العباد ونحوهم يطرقون الباب على بعض أقاربهم أو بعض إخوانهم في وقت يعرفون أنه لا يحب أن يأتيه أحد، ويريدون أن يردهم ويقول: ارجعوا، ويقولون: إن هذا أحب إلينا، إذا قال: ارجعوا؛ لأن الله تعالى قال: رسم> هُوَ أَزْكَى لَكُمْ قرآن> رسم> فنحن نريد التزكية: رسم> أَزْكَى لَكُمْ قرآن> رسم> ؛ يعني أطهر لقلوبكم. فكانوا يفرحون إذا قال لهم: ارجعوا؛ ليكون ذلك أزكى لهم، وأطهر لقلوبهم وأنظف لمودتهم، وأكثر لهم أجرا؛ يعني: يثابون على خطواتهم التي جاءوا إليه بالزيارة، ثم يثابون أيضا على رجوعهم، ثم يحظون أيضا بهذه التزكية من الله: رسم> هُوَ أَزْكَى لَكُمْ قرآن> رسم> .
تكلم العلماء على أحكام الاستئذان. والبخاري اسم> رحمه الله في صحيحه لم يقل: كتاب السلام بل قال: كتاب الاستئذان، وأدخل فيه السلام؛ لأن الله تعالى ذكر السلام بعد الاستئذان: رسم> لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا قرآن> رسم> أي: تستأذنوا وتأنسوا ويأنس أهلها بكم، ويأذنوا لكم؛ فجعل الاستئذان هو الأصل؛ يعني أن يطلب من أهل الدار أن يأذنوا له بقوله: أأدخل؟ ويكرر ذلك.
قد يقال في هذه الأزمنة أو في هذه المملكة: اتسعت المنازل، وأصبح المنزل واسعا فقد لا يسمعه أهل الدار لأول مرة، بل ولا لثلاث مرات؛ فله أن يطرق الباب إلى أن يتحقق أنهم سمعوه لبعدهم ولانشغالهم؛ فلا مانع لو زاد على الثلاث وعلى الأربع حتى يتحقق أنهم سمعوه.
كذلك أيضا في هذه الأزمنة أيضا تجددت الأجراس، وجود هذه الأجراس التي إذا غمزها صوتت صوتا يسمعونه، يسمعه أهل الدار ولو كانوا في أقصى الدار أو في أعلاها، فإذا قرع الجرس وصوت، وعلم أنهم سمعوه فليكرر ذلك ثلاث مرات، فإذا لم يأذنوا له بعد الثالثة فقد استأذن ثلاثا. فإذا عرف بأنهم لم يأذنوا له فإنه ينصرف، فقد يكونون نائمين، وقد يكونون منشغلين أو عندهم من لا يريدون دخوله عليهم، أو عندهم شيء من خصائصهم لا يحبون أن يطلع عليه غيرهم، أو لا يريدون هذا الشخص وحده خاصة؛ فله بعدما يتحقق أنهم سمعوه أن يرجع.
أما إذا لم يتحقق فله أن يكرر. وقد يكون الجرس متعطلا لا يصوت؛ ففي هذه الحال يطرق حتى يتحقق أنهم سمعوه.
بعض الناس يلح في طرق الباب ويكثر حتى ربما يطرق الباب يضربه عشر مرات أو عشرين مرة، ولا شك أن هذا نوع من الأذى؛ يؤذي أهل الدار، ويقلق عليهم راحتهم.
فالله تعالى نهى عن مثل ذلك وقال: رسم> وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا قرآن> رسم> أي لا تؤذوهم ولا تكلفوهم ولا تشددوا عليهم، فإنهم قد يكونون غير راغبين في دخول هذا الشخص خاصة؛ فلذلك لا يبالغ ولا يشدد، يمكن أن يزيد إذا علم أنهم يريدونه أو أن له غرضا، أو لهم غرض فيه أو منفعة ومصلحة معه أو عندهم، وتحقق بأنهم ما عرفوه أو بأنهم ما سمعوه لانشغالهم أو ما أشبه ذلك؛ فله أن يكرر الطرق؛ فلو مثلا طرق أربع مرات أو خمسا، ثم رجع فبعد ساعة أو نصف ساعة له أن يعود إليهم، ويجدد طرق الباب والاستئذان حتى يأذنوا له إذا كان ملحا في الطلب وله غرض شديد؛ فنقول: إن كل هذا مما أباحه الله تعالى للحاجة.
مسألة>